بسبب العقوبات.. العلامات التجارية الغربية الفاخرة تتجه شرقا

بسبب العقوبات الغربية على روسيا، لا تحقق العلامات التجارية الغربية الفاخرة مبيعات في روسيا ما يحرمها من سوق يُقدر بالمليارات. إزاء ذلك، بدأت بيوت الأزياء الغربية في طرق أبواب الأسواق شرقا لتعويض الخسائر.

قامت عارضة الأزياء الروسية فيكتوريا بونيا مؤخرا بقطع حقيبة يد سوداء من « شانيل » التي تعد أحد أشهر العلامات التجارية للأزياء في العالم. وقامت بونيا بتسجيل ذلك في مقطع مصور ونشرته على صفحتها على موقع « إنستغرام » حيث يتابعها أكثر من 9 مليون شخص. وألحقت بونيا المقطع بعبارة: « لم أر أبدا أي علامة تجارية تتصرف بهذه الطريقة غير محترمة تجاه عملائها » تحت وسم « مع السلامة شانيل ».

إعلان

وخلال ثوان قليلة، قامت العديد من عارضات الأزياء الروسيات بنشر مقاطع مصورة مماثلة مع تصاعد التوتر بين شركة شانيل الفرنسية العملاقة للسلع الفاخرة والزبائن في روسيا بعد إغلاق عدة علامات تجارية غربية متاجرها في روسيا عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير التزاما بالعقوبات الغربية التي تحظر المبيعات للروس.

وانضم العديد من المؤثرات الروسيات والعملاء الذين اتهموا « شانيل » بأنها تعادي روسيا أو ما يُطلق عليه « روسيا فوبيا » أو الخوف والرُهاب من روسيا مع نشر مقاطع مصور وهن يمزقن منتجات من صناعة « شانيل » التي أكدت أنها تطبق قوانين الاتحاد الأوروبي.

يشار إلى أنه منذ مارس  الماضي، جرى حظر « بيع أو توريد أو نقل أو تصدير » لعديد من السلع الفاخرة بما في ذلك السيجار والخيول وحتى السلع الجلدية ومستحضرات التجميل بقيمة تزيد عن 300 يورو إلى روسيا سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

وفي ضوء ذلك، عمدت « شانيل » إلى وضع قيود على المبيعات للزبائن الروس حتى خارج البلاد إذ أكدت أنها « بدأت في مطالبة العملاء الذين لا تعرف الشركة أماكن إقامتهم الرئيسية بالتأكيد من أن البضائع التي يشترونها لن يتم استخدامها في روسيا ». ورفضت الشركة الإفصاح عن الكيفية التي سيتم بها تنفيذ هذه العملية، لكنها أكدت أن المسالة « لا تتعلق بحنسية وإنما بمحل الإقامة ».

إعلان

وفي ضوء هذه المعطيات، من المتوقع أن تتكبد « شانيل » خسائر جراء حرمانها من سوق كبير جراء العقوبات الغربية على روسيا ردا على توغلها العسكري في أوكرانيا.

البديل عن السوق الروسي؟

وكانت العقوبات الغربية على روسيا بمثابة الخبر الحزين على قطاع السلع الفاخرة الذي كان مثل الكثير من القطاعات خارجا لتوه من أوقات صعبة جراء جائحة كورونا.

وتعد روسيا سوقا كبيرة للعلامات التجارية الغربية الفاخرة، إذ يشكل العملاء الروس ما بين 2 إلى 3٪ من سوق المنتجات الفاخرة على مستوى العالم، حيث بلغت المبيعات داخل وخارج روسيا حوالي 7.4 مليار دولار (أو 7 مليار يورو) عام 2021، وفقا لشركة « باين آند كومباني » العالمية المتخصصة في مجال الاستشارات الإدارية.

وفي ذلك، قالت كلوديا داربيزيو، شريكة في شركة « باين » والخبيرة في مجال السلع الفاخرة،إن هذا الوضع المتقلب يجعل من الصعب التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل، لكن من المؤكد أن الصراع سيؤثر بشكل كبير على قطاع السلع الفاخرة. وأضافت أنه يمكن لزبائن الروس إنفاق أموالهم على شراء سلع محلية.

ورفضت الشركة الفرنسية « شانيل » التعليق على الخطط التي قد تُقدم عليها لتعويض السوق الروسي، لكن تقريرها المالي عام 2020 اشار إلى خطوة حكيمة تتضمن التوجه صوب الشرق.

فقد شهد العام الأول لوباء كورونا انخفاضا في إيرادات الشركة على مستوى العالم بنسبة 17.6٪ على أساس سنوي لتصل إلى 10.1 مليار دولار. لكن اللافت كان في أن نسبة تراجع إيرادات الشركة في أوروبا بلغت نسبة 36.4٪ فيما لم تتجاوز النسبة في آسيا 3.1٪.

وفي سياق متصل، قالت شركة « ماكينزي » الأمريكية الرائدة في مجال استشارات الأعمال، في عام 2019 إن الصين تعد السوق الواعدة لقطاع السلع الفاخرة حيث وصفت الزبائن الصينيين « بأنهم محرك النمو العالمي في الإنفاق على الرفاهية ».

وأرجعت شركة « باين » في تقريرها في ديسمبر عام 2020 ذلك إلى أن قيود السفر الدولي المفروضة على الصينيين أدت إلى تنامي الإنفاق المحلي على الرفاهية.

كذلك فإن الخليج يعد سوقا يمكن من خلال العلامات التجارية الغربية الفاخرة تحقيق الكثير من الأرباح، وفقا لما ذكرته مجموعة شلهوب لتجارة التجزئة الفاخرة في منطقة الخليج. وقالت المجموعة في تقريرها « وصلت الرفاهية الشخصية لدول مجلس التعاون الخليجي عام 2021 إلى 9.7 مليار دولار، أي ما يفوق مستوى ما قبل الوباء بنسبة 23٪ مقارنة بعام 2019 ».

« قطرة ماء في محيط »

بيد أن أمير فدافي وهو محامي مقيم في الولايات المتحدة ويدير موقع SanctionsExpert.com، أشار إلى أن التأثر المادي للعقوبات الغربية ضد روسيا على السلع الفاخرة سيكون ضئيلا مقارنة بالإجراءات الكبيرة التي تستهدف قطاعات حيوية مثل النفط.

وكانت « مجموعة النقل والبيئة » البحثية التي تتخذ من بروكسل مقرها قد ذكرت في مارس الماضي أن الحظر على النفط الروسي الذي أعلنه الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، قد يؤدي إلى حرمان روسيا في نهاية المطاف من 285 مليون دولار من الإيرادات اليومية.

وفي ضوء ذلك، قال فدافي إن خسائر قطاع السلع الفاخرة بسبب العقوبات سيكون ضئيلا مقارنة بقطاعات الطاقة، مضيفا أن الدول الغربية لم ترغب « في أن يتمكن الأثرياء الروس القريبون من الحكومة من شراء السلع الفاخرة التي تم إنتاجها في الدول الغربية ».

لكن فدافي أشار إلى أن التنفيذ الكامل والصارم على مستوى العالم سيكون صعبا إذ من المحتمل أن تسعى بعض الدول للالتفاف على حظر البيع في روسيا.

في المقابل وربما من الأمر المثير للجدل أنه ما زال يُسمح بدخول ألماس الروسي إلى الاتحاد الأوروبي خاصة مدينة أنتفيربين البلجيكية لتمهيد الطريق أمام بيعه في السوق العالم، حيث تتجاوز تجارته مليارات الدولارات سنويا.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على شركة تعدين الألماس الروسية العملاقة « ألروسا » وهو الأمر الذي وصفه فدافي بأنه يمثل « ضربة قوية » للشركة.

كذلك وحتى مع تطبيق العقوبات الغربية على روسيا، فإن السلع الفاخرة ذات أسعار ليست بالكبيرة ليست محظورة على الزبائن الروس إذ يمكنهم شراء ثلاث زجاجات من عطر شانيل الشهير « رقم 5  » مقابل 74 يورو أو قطعتين من صابون « شانيل » الشهير رقم 5 مقابل 28 يورو، لكن لا يمكنهم شراء خاتم عصري من شانيل بما يتجاوز قيمته 2590 يورو.

إيلا جونير

زر الذهاب إلى الأعلى