ازدهار سوق السلع الفاخرة المستعملة على الإنترنت.. ما السبب؟

لم يعد شراء حقيبة أصلية مستعملة من العلامة التجارية الشهيرة “لويس فيتون” على الإنترنت مغامرة محفوفة بالخطر أو حكرا على صائدي الصفقات. فقد شهدت الآونة الأخيرة ازدهارا لسوق السلع الفخمة المستعملة على الإنترنت.

لم يعد شراء حقائب « شانيل » الكلاسيكية الشهيرة أمرا عسيرا؛ فالأمر لم يعد يتطلب سوى بضع نقرات على شبكة الإنترنت، إذ يمكن شراء سلع مستعملة من منتجات العلامة التجارية الشهيرة « لويس فيتون » على موقع « انستغرام » أو حذاء « نايك اير جوردان » أو حتى قلادة جذابة من « تيفاني ».

إعلان

فقد شهدت سوق السلع الفخمة المستعملة ازدهارا على شبكة الإنترنت فيما لا ينصب اهتمام رواد السوق المستعملة على اقتناص الفرصة لشراء سلع بأسعار منخفضة إذ بات شاغلهم الحصول على سلع فخمة مستعملة خاصة أن الأمر أصبح يستحق العناء والبحث لا سيما بين الأوساط الشبابية.

ولسنوات، ظلت العلامات التجارية الشهيرة الخاصة بالسلع الفخمة متشككة في العالم الرقمي والمبيعات التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية، ناهيك عندما يتعلق الأمر بسوق السلع المستعملة.

لكن الآن، امتد عالم الرفاهية من خارج المتاجر الراقية والشهيرة وبعيدا عن تجار التجزئة إلى شبكة الإنترنت، ما يعني تزايد الثقة بين القائمين على هذه الصناعة في العالم الافتراضي.

السلع المقلدة؟

إعلان

خلال العام الجاري، وصل حجم سوق السلع الفخمة المستعملة بما في ذلك حقائب اليد والملابس والمجوهرات والساعات إلى أكثر من 33 مليار يورو (37.2 مليار دولار) وفقا لشركة « بين آند كومباني » الاستشارية.

ويمثل هذا الرقم ارتفاعا بنسبة 65 بالمائة عن حجم هذا السوق عام 2017، فيما حقق سوق السلع الفاخرة الأولية نموا بنسبة 12 بالمائة فقط خلال الفترة الزمنية نفسها.

بيد أن سوق السلع الفاخرة المستعملة يعترضه الكثير من العقبات بالنظر إلى أسعار هذه السلع المرتفع، لذا فإن الأمر لا يغيب عنه عمليات نصب واحتيال.

ففي الماضي، كان يحكي المسافرون عن عمليات شراء سلع مقلدة تُباع على شواطئ إيطاليا أو الأزقة الخلفية في مدينة نيويورك الأمريكية.

بيد أن الأمر لا يقارن بحجم عمليات التزوير وتقليد السلع الأصلية في الوقت الحالي إذ لا تزال سلطات الجمارك في الكثير من بلدان العالم تصادر الكثير من السلع المقلدة.

مقلدة أم أصلية؟

لا يمكن الحديث عن سوق السلع الفخمة المستعملة دون التطرق إلى قضية غاية في الأهمية لا تقل أهمية عن السعر الا وهي قضية هل هذه السلع أصلية أم مقلدة؟

ومن أجل تهدئة مخاوف المستهلكين، أقدمت شركات تبيع السلع المستعملة بشكل قانوني على تقديم ضمانات بأن السلع أصلية وليس مقلدة حتى أن هذا الأمر دفع شركة في هذا المجال إلى أن تطلق على نفسها اسم  » The RealReal » أو « أصل الأصل » لتسليط الضوء على ما تقوم به من إجراءات لضمان أن السلع التي تبيعها ليست مقلدة.

تأسست شركة « The RealReal » عام 2011 وأسست سوقا عبر الإنترنت للسلع الكمالية المستعملة من الملابس الراقية والمجوهرات والأعمال الفنية والأثاث المنزلي.

وفي عام 2017، قامت الشركة بفتح أول متجر لها خارج شبكة الانترنت وأصبحت الآن تمتلك 15 متجرا في أنحاء الولايات المتحدة.

وفي منتصف عام 2019، طُرحت الشركة للاكتتاب العام لتجمع 300 مليون دولار (265 مليون يورو) خلال الاكتتاب العام الأولي وهو الأمر الذي يؤكد على اهتمام المستثمرين بهذا القطاع.

واليوم تصف الشركة نفسها بأنها « أكبر سوق في العالم على الإنترنت للسلع الفخمة الأصلية المعاد بيعها والموثوق بها »، وأصبح سوق الشركة على الانترنت يضم أكثر من 24 مليون مستخدم فيما كان يوم « الجمعة السوداء » الماضية أو « بلاك فرايداي » أحد أكثر أيام الشركة رواجا، وحققت الشركة على مدار الشهر الماضي ارتفاعا في إجمالي قيمة البضائع بلغ نسبة 51٪ و 46٪ مقارنة بالفترة ذاتها خلال العامين الماضيين.

وقد بلغ متوسط ​​قيمة الطلب 514 دولارا بزيادة قدرها 17٪ و 10٪ عن العامين الماضيين.

إقبال الشركات الكبرى

تزامن هذا مع إدراك شركات الرفاهية الشهيرة أهمية سوق السلع المستعملة إذ قامت شركة « كيرينغ » المالكة لعلامة « غوتشي » التجارية الفاخرة بضخ استثمارات في منصة الأزياء المستعملة « فازيتير كوليكتيف » (Vestiaire Collective).

وفي عام 2018، قامت شركة « ريتشمونت » للمجوهرات والإكسسوارات الفاخرة والمالكة لعلامة « كارتييه »، أحد أشهر العلامات التجارية للمجوهرات، بشراء منصة « ووتش فايندر » الخاصة ببيع الساعات الفاخرة عبر الإنترنت.

كذلك انضمت الكثير من الشركات الكبرى إلى سباق « سوق السلع المستعملة ». ففي الولايات المتحدة وبريطانيا، يقوم عملاق التجارة الإلكترونية « ايباي » بالتحقق من أن السلع المستعملة حقيقة و أصلية وليست مقلدة إذ يقوم البائع بإرسال السلعة المستعملة التي يرغب في بيعها إلى إلى خبير تابع لجهة خارجية ليقوم بفحصها قبل إرسالها إلى المشتري.

وبالنسبة للمستخدمين الأمريكيين، فإن برنامج « ضمان الأصالة » يغطي السلع التي يتم بيعها في الولايات المتحدة واليابان والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا وألمانيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا.

وفي الوقت الحالي، فإن برنامج « ايباي » الخاص بالتحقق من السلع المستعملة يغطي ثلاث فئات: الساعات التي يتجاوز سعرها ألفي دولار وحقائب اليد التي تباع مقابل 500 دولار والحقائب المستعملة مقابل 150 دولار وأيضا الأحذية الرياضية التي لا تزال في حالة جديدة ويتم بيعها تباع مقابل 100 دولار.

ولا يغطي البرنامج كافة العلامات التجارية، بيد أن القائمة تضم العلامات التجارية الفاخرة مثل شانيل وغوتشي وهيرميس وسان لوران ورولكس وأوميغا وغيرها.

ويتم تغطية تكاليف برنامج « ضمان الأصالة » من قبل شركة « إيباي » للتأكيد على أهمية أن السلع المستعملة التي يتم بيعها أصلية وليس مقلدة إذ يحمل البرنامج شعار « بلا شك..لا تزييف، لا احتيال ».

السبب وراء هذا الازدهار

ويثير هذا الازدهار في سوق السلع المستعملة الكثير من التساؤلات حيال الأسباب وراء هذا النمو الكبير، بيد أن سر الكلمة تكمن في أمرين: الأول سن المتسوقين عبر الإنترنت من الشباب وصغار السن وأيضا الرغبة المتزايدة في شراء السلع الفاخرة.

وتأثر ذلك بالانتشار الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي مثل « تيك توك » و « إنستغرام » و « تويتر ».

ولذا يتوقع أن تشكل فئة الشباب 70 بالمائة من سوق التجزئة الفاخرة بحلول عام 2025، وفقا لدراسة نشرتها شركة « بين آند كومباني » الاستشارية في نوفمبر.

ويؤكد هذا أن فئة الشباب البارعة في استخدام التكنولوجيا لا ترى أن هناك حاجة إلى الذهاب إلى المتاجر للتضبع وأيضا فهي أيضا لا يساورها أي قلق أو خوف من الشراء عبر الإنترنت.

وإزاء ذلك، تتوقع شركة « بين آند كومباني » نموا كبيرا في سوق السلع الفاخرة الشخصية بنسبة ما بين 6 إلى 8 بالمائة سنويا لتصل قيمة السوق ما بين 360 و 380 مليار يورو بحلول عام 2025.

تيموثي روكس

زر الذهاب إلى الأعلى